Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المجادلة - الآية 22

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) (المجادلة) mp3
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر يُوَادُّونَ مَنْ حَادّ اللَّه وَرَسُوله وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانهمْ أَوْ عَشِيرَتهمْ" أَيْ لَا يُوَادُّونَ الْمُحَادِّينَ وَلَوْ كَانُوا مِنْ الْأَقْرَبِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَا يَتَّخِذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّه فِي شَيْء إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاة وَيُحَذِّركُمْ اللَّه نَفْسه " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانكُمْ وَأَزْوَاجكُمْ وَعَشِيرَتكُمْ وَأَمْوَال اِقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَة تَخْشَوْنَ كَسَادهَا وَمَسَاكِن تَرْضَوْنَهَا أَحَبّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبِيله فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ وَاَللَّه لَا يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقِينَ " وَقَدْ قَالَ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز وَغَيْره أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة" لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر " إِلَى آخِرهَا فِي أَبِي عُبَيْدَة عَامِر بْن عَبْد اللَّه بْن الْجَرَّاح حِين قَتَلَ أَبَاهُ يَوْم بَدْر وَلِهَذَا قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين جَعَلَ الْأَمْر شُورَى بَعْده فِي أُولَئِكَ السِّتَّة وَلَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَة حَيًّا لَاسْتَخْلَفْته وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى " وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ " نَزَلَتْ فِي أَبِي عُبَيْده قَتَلَ أَبَاهُ يَوْم بَدْر " أَوْ أَبْنَاءَهُمْ " فِي الصِّدِّيق هُمْ يَوْمئِذٍ بِقَتْلِ اِبْنه عَبْد الرَّحْمَن " أَوْ إِخْوَانهمْ" فِي مُصْعَب بْن عُمَيْر قَتَلَ أَخَاهُ عُبَيْد بْن عُمَيْر يَوْمئِذٍ" أَوْ عَشِيرَتهمْ " فِي عُمَر قَتَلَ قَرِيبًا لَهُ يَوْمئِذٍ أَيْضًا وَفِي حَمْزَة وَعَلِيّ وَعُبَيْدَة بْن الْحَارِث قَتَلُوا عُتْبَة وَشَيْبَة وَالْوَلِيد بْن عُتْبَة يَوْمئِذٍ فَاَللَّه أَعْلَم " قُلْت" وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل حِين اِسْتَشَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَسَارَى بَدْر فَأَشَارَ الصِّدِّيق بِأَنْ يُفَادُوا فَيَكُون مَا يُؤْخَذ مِنْهُمْ قُوَّة لِلْمُسْلِمِينَ وَهُمْ بَنُو الْعَمّ وَالْعَشِيرَة وَلَعَلَّ اللَّه تَعَالَى أَنْ يَهْدِيهِمْ وَقَالَ عُمَر لَا أَرَى مَا رَأَى يَا رَسُول اللَّه هَلْ تُمَكِّننِي مِنْ فُلَان قَرِيب لِعُمَر فَأَقْتُلهُ وَتُمَكِّن عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ وَتُمَكِّن فُلَانًا مِنْ فُلَان لِيَعْلَم اللَّه أَنَّهُ لَيْسَتْ فِي قُلُوبنَا مُوَادَّة لِلْمُشْرِكِينَ الْقِصَّة بِكَمَالِهَا. وَقَوْله تَعَالَى " أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ " أَيْ مَنْ اِتَّصَفَ بِأَنَّهُ لَا يُوَادّ مَنْ حَادّ اللَّه وَرَسُوله وَلَوْ كَانَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ فَهَذَا مِمَّنْ كَتَبَ اللَّه فِي قَلْبه الْإِيمَان أَيْ كَتَبَ لَهُ السَّعَادَة وَقَرَّرَهَا فِي قَلْبه وَزَيَّنَ الْإِيمَان فِي بَصِيرَته قَالَ السُّدِّيّ " كَتَبَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان " جَعَلَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ " أَيْ قَوَّاهُمْ . وَقَوْله تَعَالَى " وَيُدْخِلهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " كُلّ هَذَا تَقَدَّمَ تَفْسِيره غَيْر مَرَّة وَفِي قَوْله تَعَالَى " رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " سِرّ بَدِيع وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا سَخِطُوا عَلَى الْقَرَائِب وَالْعَشَائِر فِي اللَّه تَعَالَى عَوَّضَهُمْ اللَّه بِالرِّضَا عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ النَّعِيم الْمُقِيم وَالْفَوْز الْعَظِيم وَالْفَضْل الْعَمِيم وَقَوْله تَعَالَى" أُولَئِكَ حِزْب اللَّه أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ" أَيْ هَؤُلَاءِ حِزْب اللَّه أَيْ عِبَاد اللَّه وَأَهْل كَرَامَته وَقَوْله تَعَالَى " أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ " تَنْوِيه بِفَلَاحِهِمْ وَسَعَادَتهمْ وَنُصْرَتهمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فِي مُقَابَلَة مَا ذُكِرَ عَنْ أُولَئِكَ بِأَنَّهُمْ حِزْب الشَّيْطَان ثُمَّ قَالَ " أَلَا إِنَّ حِزْب الشَّيْطَان هُمْ الْخَاسِرُونَ " وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا هَارُون بْن حُمَيْد الْوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن عَنْبَسَة عَنْ رَجُل قَدْ سَمَّاهُ فَقَالَ هُوَ عَبْد الْحَمِيد بْن سُلَيْمَان - اِنْقَطَعَ مِنْ كِتَابِي - عَنْ الذَّيَّال بْن عَبَّاد قَالَ : كَتَبَ أَبُو حَازِم الْأَعْرَج إِلَى الزُّهْرِيّ : اِعْلَمْ أَنَّ الْجَاه جَاهَانِ : جَاه يُجْرِيه اللَّه تَعَالَى عَلَى أَيْدِي أَوْلِيَائِهِ لِأَوْلِيَائِهِ وَأَنَّهُمْ الْخَامِل ذِكْرهمْ الْخَفِيَّة شُخُوصهمْ وَلَقَدْ جَاءَتْ صِفَتهمْ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْأَخْفِيَاء الْأَتْقِيَاء الْأَبْرِيَاء الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِذَا حَضَرُوا لَمْ يَدَعُوا قُلُوبهمْ مَصَابِيح الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلّ فِتْنَة سَوْدَاء مُظْلِمَة " فَهَؤُلَاءِ أَوْلِيَاء اللَّه تَعَالَى الَّذِينَ قَالَ اللَّه " أُولَئِكَ حِزْب اللَّه أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ " وَقَالَ نُعَيْم بْن حَمَّاد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر عَنْ يُونُس عَنْ الْحَسَن قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ لَا تَجْعَل لِفَاجِرٍ وَلَا لِفَاسِقٍ عِنْدِي يَدًا وَلَا نِعْمَة فَإِنِّي وَجَدْت فِيمَا أَوْحَيْته إِلَيَّ " لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر يُوَادُّونَ مَنْ حَادّ اللَّه وَرَسُوله" قَالَ سُفْيَان يَرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ يُخَالِط السُّلْطَان. رَوَاهُ أَبُو أَحْمَد الْعَسْكَرِيّ . آخِر تَفْسِير سُورَة الْمُجَادَلَة وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية

    رؤية استراتيجية في القضية الفلسطينية: قال الشيخ - حفظه الله - في مقدمة الرسالة: «يعيش إخواننا في فلسطين هذه الأيام مرحلة عصيبة من تاريخهم، فالاستكبار اليهودي قد بلغ أوجّه، وكشف شارون عن وجه بني صهيون الحقيقي، فالقتل، والتشريد وهدم المنازل والحصار الاقتصادي الرهيب، وخامسة الأثافي: الخذلان المخزي من لدن المسلمين عامة والعرب خاصة لإخوانهم في فلسطين، كل هذه الأحوال تطرح سؤالاً مهمًّا؟ هل لهذا الأمر من نهاية؟ وهل لهذه البليَّة من كاشفة؟ ويتحدَّد السؤال أكثر: أين المخرج؟ وما هو السبيل؟ وبخاصة وقد بلغ اليأس مبلغه في نفوس كثير من المسلمين وبالأخصّ إخواننا في فلسطين، وأصبح التشاؤم نظرية يُروِّج لها البعض، مما زاد النفوس إحباطًا، والهمم فتورًا».

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337575

    التحميل:

  • شرح القواعد الأربع [ خالد المصلح ]

    القواعد الأربع: رسالة مختصرة كتبها الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وقد اشتملت على تقرير ومعرفة قواعد التوحيد، وقواعد الشرك، ومسألة الحكم على أهل الشرك، والشفاعة المنفية والشفاعة المثبتة، وقد شرحها الشيخ خالد بن عبد الله المصلح - جزاه الله خيراً -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/285593

    التحميل:

  • المستفاد على لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

    هذه فوائد مستفادة من كتب أئمة السلف وأتباعهم بإحسان جمعها المؤلف حين تدريسه رسالة لمعة الاعتقاد لبعض الطلبة. وتتناول اللمعة معظم موضوعات الاعتقاد بإيجاز، وقد فصل الشارح ما أجمله الماتن، وقيد مطلقه، وأوضح ما قد يكون غامضاً، وجعل الشرح بحاشية الرسالة.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313421

    التحميل:

  • الثبات

    الثبات: رسالةٌ تتحدَّث عن الثبات في الدين على ضوء الكتاب والسنة.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/333191

    التحميل:

  • مسؤولية الدول الإسلامية عن الدعوة ونموذج المملكة العربية السعودية

    قال المؤلف - حفظه الله -: لقد رغب إليَّ المركز أن أحاضر في موضوع ذي أهمية بالغة في حياة المسلمين بعامة، وفي عصرنا الحاضر بخاصة: " مسؤولية الدول الإسلامية عن الدعوة ونموذج المملكة العربية السعودية ". وهو موضوع متشعب وواسع، لا يكفي للوفاء به الوقت المخصص للمحاضرة. ومن هنا، فإن تناول موضوعاته سيكون موجزًا، أقدم فيه ما أراه أهم من غيره. وذلك من خلال محاور خمسة: الأول: الدعوة إلى الله، وأمانة تبليغها، والحاجة الماسة إليها في هذا العصر. الثاني: الدين والأمة والدولة في التصور الإسلامي. الثالث: الدولة والدعوة في التاريخ الإسلامي. الرابع: الدولة والدعوة في البلاد الإسلامية في العصر الحديث. الخامس: الدولة والدعوة في المملكة العربية السعودية.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/110571

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة