Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة النجم - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) (النجم) mp3
مَكِّيَّة كُلّهَا فِي قَوْل الْحَسَن وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَجَابِر . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا آيَة مِنْهَا وَهِيَ قَوْله تَعَالَى : " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش " [ النَّجْم : 32 ] الْآيَة . وَقِيلَ : اِثْنَتَانِ وَسِتُّونَ آيَة . وَقِيلَ : إِنَّ السُّورَة كُلّهَا مَدَنِيَّة . وَالصَّحِيح أَنَّهَا مَكِّيَّة لِمَا رَوَى اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ : هِيَ أَوَّل سُورَة أَعْلَنَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة . وَفِي [ الْبُخَارِيّ ] عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ , وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ وَالْإِنْس وَعَنْ عَبْد اللَّه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَة النَّجْم فَسَجَدَ لَهَا , فَمَا بَقِيَ أَحَد مِنْ الْقَوْم إِلَّا سَجَدَ ; فَأَخَذَ رَجُل مِنْ الْقَوْم كَفًّا مِنْ حَصْبَاء أَوْ تُرَاب فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهه وَقَالَ : يَكْفِينِي هَذَا . قَالَ عَبْد اللَّه : فَلَقَدْ رَأَيْته بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا , مُتَّفَق عَلَيْهِ . الرَّجُل يُقَال لَهُ أُمَيَّة بْن خَلَف . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْد بْن ثَابِت رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَة " وَالنَّجْم إِذَا هَوَى " [ النَّجْم : 1 ] فَلَمْ يَسْجُد . وَقَدْ مَضَى فِي آخِر " الْأَعْرَاف " الْقَوْل فِي هَذَا وَالْحَمْد لِلَّهِ .

قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : مَعْنَى " وَالنَّجْم إِذَا هَوَى " وَالثُّرَيَّا إِذَا سَقَطَتْ مَعَ الْفَجْر ; وَالْعَرَب تُسَمِّي الثُّرَيَّا نَجْمًا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَدَد نُجُومًا ; يُقَال : إِنَّهَا سَبْعَة أَنْجُم , سِتَّة مِنْهَا ظَاهِرَة وَوَاحِد خَفِيّ يَمْتَحِنُ النَّاس بِهِ أَبْصَارهمْ . وَفِي " الشِّفَا " لِلْقَاضِي عِيَاض : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى فِي الثُّرَيَّا أَحَد عَشَرَ نَجْمًا . وَعَنْ مُجَاهِد أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى وَالْقُرْآن إِذَا نُزِّلَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُنَزَّل نُجُومًا . وَقَالَهُ الْفَرَّاء . وَعَنْهُ أَيْضًا : يَعْنِي نُجُوم السَّمَاء كُلّهَا حِين تَغْرُب . وَهُوَ قَوْل الْحَسَن قَالَ : أَقْسَمَ اللَّه بِالنُّجُومِ إِذَا غَابَتْ . وَلَيْسَ يَمْتَنِع أَنْ يُعَبَّر عَنْهَا بِلَفْظٍ وَاحِد وَمَعْنَاهُ جَمْع ; كَقَوْلِ الرَّاعِي : فَبَاتَتْ تَعُدّ النَّجْم فِي مُسْتَحِيرَة سَرِيع بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا وَقَالَ عُمَر بْن أَبِي رَبِيعَة : أَحْسَنُ النَّجْم فِي السَّمَاء الثُّرَيَّا وَالثُّرَيَّا فِي الْأَرْض زَيْنُ النِّسَاءِ وَقَالَ الْحَسَن أَيْضًا : الْمُرَاد بِالنَّجْمِ النُّجُوم إِذَا سَقَطَتْ يَوْم الْقِيَامَة . وَقَالَ السُّدِّيّ : إِنَّ النَّجْم هَهُنَا الزُّهْرَة لِأَنَّ قَوْمًا مِنْ الْعَرَب كَانُوا يَعْبُدُونَهَا . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِهِ النُّجُوم الَّتِي تُرْجَم بِهَا الشَّيَاطِين ; وَسَبَبه أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ بَعْث مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا كَثُرَ اِنْقِضَاض الْكَوَاكِب قَبْل مَوْلِده , فَذُعِرَ أَكْثَرُ الْعَرَب مِنْهَا وَفَزِعُوا إِلَى كَاهِن كَانَ لَهُمْ ضَرِيرًا , كَانَ يُخْبِرهُمْ بِالْحَوَادِثِ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَقَالَ : اُنْظُرُوا الْبُرُوج الِاثْنَيْ عَشَرَ فَإِنْ اِنْقَضَى مِنْهَا شَيْء فَهُوَ ذَهَاب الدُّنْيَا , فَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ مِنْهَا شَيْء فَسَيَحْدُثُ فِي الدُّنْيَا أَمْر عَظِيم , فَاسْتَشْعَرُوا ذَلِكَ ; فَلَمَّا بُعِثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ الْأَمْر الْعَظِيم الَّذِي اِسْتَشْعَرُوهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَالنَّجْم إِذَا هَوَى " أَيْ ذَلِكَ النَّجْم الَّذِي هَوَى هُوَ لِهَذِهِ النُّبُوَّة الَّتِي حَدَثَتْ . وَقِيلَ : النَّجْم هُنَا هُوَ النَّبْت الَّذِي لَيْسَ لَهُ سَاق , وَهَوَى أَيْ سَقَطَ عَلَى الْأَرْض . وَقَالَ جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : " وَالنَّجْم " يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا هَوَى " إِذَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاء لَيْلَة الْمِعْرَاج . وَعَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ عُتْبَة بْن أَبِي لَهَب وَكَانَ تَحْته بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى الشَّام فَقَالَ : لَآتِيَنَّ مُحَمَّدًا فَلَأُوذِيَنَّهُ , فَأَتَاهُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّد هُوَ كَافِر بِالنَّجْمِ إِذَا هَوَى , وَبِاَلَّذِي دَنَا فَتَدَلَّى . ثُمَّ تَفَلَ فِي وَجْه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَدَّ عَلَيْهِ اِبْنَته وَطَلَّقَهَا ; فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابك ) وَكَانَ أَبُو طَالِب حَاضِرًا فَوَجَمَ لَهَا وَقَالَ : مَا كَانَ أَغْنَاك يَا اِبْن أَخِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَة , فَرَجَعَ عُتْبَة إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ , ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الشَّام , فَنَزَلُوا مَنْزِلًا , فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ رَاهِب مِنْ الدَّيْر فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ هَذِهِ أَرْض مُسْبِعَة . فَقَالَ أَبُو لَهَب لِأَصْحَابِهِ : أَغِيثُونَا يَا مَعْشَر قُرَيْش هَذِهِ اللَّيْلَة ! فَإِنِّي أَخَاف عَلَى اِبْنِي مِنْ دَعْوَة مُحَمَّد ; فَجَمَعُوا جِمَالهمْ وَأَنَاخُوهَا حَوْلهمْ , وَأَحْدَقُوا بِعُتْبَة , فَجَاءَ الْأَسَد يَتَشَمَّم وُجُوههمْ حَتَّى ضَرَبَ عُتْبَة فَقَتَلَهُ . وَقَالَ حَسَّان : مَنْ يَرْجِعِ الْعَامَ إِلَى أَهْلِهِ فَمَا أَكِيلُ السَّبْع بِالرَّاجِعِ وَأَصْل النَّجْم الطُّلُوع ; يُقَال : نَجَمَ السِّنّ وَنَجَمَ فُلَان بِبِلَادِ كَذَا أَيْ خَرَجَ عَلَى السُّلْطَان . وَالْهُوِيّ النُّزُول وَالسُّقُوط ; يُقَال : هَوَى يَهْوِي هُوِيًّا مِثْل مَضَى يَمْضِي مُضِيًّا ; قَالَ زُهَيْر : فَشَجَّ بِهَا الْأَمَاعِزَ وَهْيَ تَهْوِي هُوِيّ الدَّلْو أَسْلَمَهَا الرِّشَاءُ وَقَالَ آخَر [ أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَة ] : بَيْنَمَا نَحْنُ بِالْبَلَاكِثِ فَالْقَا عِ سِرَاعًا وَالْعِيس تَهْوِي هُوِيًّا خَطَرَتْ خَطْرَة عَلَى الْقَلْب مِنْ ذِكْرَاك وَهْنًا فَمَا اِسْتَطَعْتُ مُضِيَّا الْأَصْمَعِيّ : هَوَى بِالْفَتْحِ يَهْوِي هُوِيًّا أَيْ سَقَطَ إِلَى أَسْفَلَ . قَالَ : وَكَذَلِكَ اِنْهَوَى فِي السَّيْر إِذَا مَضَى فِيهِ , وَهَوَى وَانْهَوَى فِيهِ لُغَتَانِ بِمَعْنًى , وَقَدْ جَمَعَهُمَا الشَّاعِر فِي قَوْله : وَكَمْ مَنْزِلٍ لَوْلَايَ طِحْتَ كَمَا هَوَى بِأَجْرَامِهِ مِنْ قُلَّة النِّيق مُنْهَوِي وَقَالَ فِي الْحُبّ : هَوِيَ بِالْكَسْرِ يَهْوَى هَوًى ; أَيْ أَحَبَّ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أصول الدين الإسلامي مع قواعده الأربع ويليها عقيدة السلف الصالح

    أصول الدين الإسلامي : هذا الكتيب عبارة عن ترتيب لرسالة ثلاثة الأصول وأدلتها التي صنفها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي مرتبة على هيئة السؤال والجواب.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144966

    التحميل:

  • التفسير الفقهي في القيروان حتى القرن الخامس الهجري

    التفسير الفقهي في القيروان حتى القرن الخامس الهجري: رسالة مختصرة عن نوعٍ من أنواع التفسير في القيروان حتى القرن الخامس الهجري، وقد عرضَ المؤلف - حفظه الله - لوقت نشأة التفسير ومدارسه، وذكر أهم المؤلفات في هذا النوع من التفسير.

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364165

    التحميل:

  • إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين

    إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين: هذه الرسالة ثمرة تجميع الملاحين الجويين من الطيارين والمهندسين والمُضيفين بالخطوط العربية السعودية مسائلهم ومشكلاتهم التي يُقابلونها في أعمالهم ورحلاتهم وأسفارهم، فقاموا بترتيب هذه المسائل وعرضها على الشيخ - رحمه الله -؛ فخرجت هذه الرسالة القيمة.

    الناشر: موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين http://www.ibnothaimeen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/348435

    التحميل:

  • تذكير الأنام بشأن صلة الأرحام

    تذكير الأنام بشأن صلة الأرحام: رسالة مختصرة في التذكير بصلة الرحِم، وفضلها، وأحكامها، وفوائد تتعلَّق بها.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330471

    التحميل:

  • كتاب التوحيد

    كتاب التوحيد: مما لا شك فيه أن علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساسي الذي تجدر العناية به تعلما وتعليما وعملا - بموجبه لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله نافعة للعاملين، خصوصا وأننا في زمان كثرت فيه التيارات المنحرفة: تيار الإلحاد، وتيار التصوف والرهبنة، وتيار القبورية الوثنية، وتيار البدع المخالفة للهدي النبوي. وكلها تيارات خطيرة ما لم يكن المسلم مسلحا بسلاح العقيدة الصحيحة المرتكزة على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة؛ فإنه حري أن تجرفه تلك التيارات المضلة، وهذا مما يستدعي العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة لأبناء المسلم أن من مصادرها الأصيلة؛ لذا فهذا كتاب في علم التوحيد، راعى فيه المصنف - حفظه الله - الاختصار مع سهولة العبارة، وقد اقتبسه من مصادر كثيرة من كتب أئمتنا الأعلام - ولا سيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب العلامة ابن القيم، وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه من أئمة الدعوة المباركة - رحمهم الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/75915

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة