الكثيري نت

الكثيري نت (https://www.alktheri.com/vb/index.php)
-   قسم المواضيع العامه (https://www.alktheri.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   تقبل الله منكم ... ولكن! (https://www.alktheri.com/vb/showthread.php?t=14833)

alktheri أضيفت بتاريخ 28-08-2017 10:10 PM

تقبل الله منكم ... ولكن!
 
تقبل الله منكم ... ولكن!


د. خالد راتب


من حق الأمة الإسلامية أن ترتسِمَ الفرحةُ على جبينِها؛ فقد امتلأ الكون بتلبيةِ الحجيج، وبالدعاء والتضرُّع، كما امتلأ الكون كذلك بالعمل الصالح من عِباد الله الذين لم يُوفَّقوا هذا العام للحج، فبين قائمٍ وصائم، وذاكرٍ ومجتهد، والكل كان حريصًا على رضا الرب ومضاعفة الأجر، وجاء العيد ومن حق الجميع أن يفرحَ بفضل الله ورحمته : ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، وحق علينا أن نهنِّئ المسلمين بالعيد ونقول لهم : تقبَّل الله منكم، تقبل الله منكم أعمالكم الصالحة، وجهادكم لأنفسكم وشيطانكم وهواكم، تقبَّل الله منا ومنكم،ولكن نقول لكم : من حق غيركم أن يفرح، ولكن كيف نفرح؟


إن الفرح الحقيقي أن يراك الله دائمًا عبدًا له في ساعة فرحك وحزنك، وفي سكناتك وحركاتك، تسعى في كلِّ وقتٍ لإرضاء الله، الفرح الحقيقي أن نعلَمَ أنه لا إله إلا الله اعتقادًا وقولاًَ وعملاً، نحفظ أوامره، ونؤمِن بقضائه وقدَره، ونهتم بأساسيات هذا الصرح الإسلامي، ونؤمن بالكتاب كلِّه، ونفخر بأننا ننتمي لأعظم دين، ولأعظم رسول، وأفضل منهج، منهج فيه التمام والكمال : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، ودين التمام والكمال يريد من رجالِه أن يقتربوا من هذا التمام والكمال في عقيدتهم وعبادتهم وتعميرهم لأرض الله، لا يخشون أحدًا إلا الله، ولا يسعَوْنَ إلا من أجله؛ لذا ذَكَر اللهُ وصف الرجال قبل وصفِ المنهج، فقبل أن يذكر التَّمام والكمال ذَكَر الرجال الذين يخشَونه، فقال : ﴿ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْن ﴾ [المائدة: 3]، وفي موضعٍ آخرَ يذكر الله وصف عبادِه الذين يستحقُّون هذه النعمةَ العظيمة قبل ذِكر منَّتِه عليهم، فقال : ﴿ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 150]، رجال الخشية والصدق هم وحدَهم الأحق بالفرح، فهم في رِباط الطاعة دائمًا، حتى فرحهم طاعة وقربة، وَهَبُوا حياتهم ومماتهم لله : ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].


افرحوا أيها المسلمون، ولكن لا تنسَوْا إخوانكم الذين يلتَحِفون بالسماء، ويفترشون اليابسة؛ فهم كذلك من حقِّهم أن يفرحوا!


افرحوا وابتهجوا، ولكن لا تنسَوا الأمهات المكلومة، والأطفال المحرومة؛ فحقُّهم أن يفرحوا!


افرحوا فرحًا شديدًا، ولكن لا تنسَوا المحاصَرين من أعدائنا، ولا تنسوا أعضاءكم المتناثرة على موائدِ اللئام تُنهَش وتُستباح!


حق الأمة أن تفرح، ولكن فرح العزة والإباء، فرح الاعتراف بعزة الإسلام، كنا أذلَّ قوم فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزَّنا الله به، أذلَّنا الله.


تقبَّل الله منا عندما نعرف دينَنا حق المعرفة، وكذلك نعرفُ فضل هذا الدين، وفضل من جاء به هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، فنقبل هَدْيَه، ونسير خلفه، ولا نتَّبع كل ناعق، يجرُّنا إلى جُحر ضبٍّ!


تقبَّل الله منا عندما نعيش قضايا أمتنا، ونحمل للعالم شعاع ونور الإسلام؛ ليدخلَ الناسُ جميعًا في دين الله أفواجًا، فنقول : الحمد لله الذي أنقذهم من النار.





فرحُنا الحقيقي في تحقيق خيرية الأمة، الأمة الإيجابية التي تعرفُ الحق وتدعو إليه، وتعرف الباطل لتجتنبه وتقاومه : ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].


الفرح الحقيقي في العيد أن نتوحَّد قلبًا وقالبًا، كما توحَّدنا في الزمان والمكان، فنحن نفرح بالعيد في زمان معيَّن، وباجتماعنا في أماكنَ محدَّدة، وهذا اجتماع الأجساد يحتِّم علينا اجتماع الهدف والغايات؛ لنحقق : ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]، وقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].


إذا حققنا وجمعنا بين مفهوم الأمة والعبادة قولاً وعملاً كما أمرَنا ربُّنا في هاتين الآيتين وغيرهما، ساعتَها سنكون خيرَ أمةٍ، ونستردُّ مقدساتنا، ونفرح جميعًا بفضل الله ورحمته.



الساعة الآن 11:09 PM.

استضافة وتـــــــــــــطــويـــر » الكثيري نت لخدمات الويب

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.